الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،،
تكلمنا سابقا عن أهمية التجويد لكتاب الله وها نحن اليوم مع تعريف ماهية التجويد قبل أن نحكم عليه بالوجوب أو عدمه،
لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فلابد أن نتصور معنى التجويد حتى نستطيع الحكم عليه، لأن كثير من الناس يتصورون
التجويد على خلاف حقيقته فأقول:
التجويد في اصطلاح أهل اللغة ( لغة ) هو التحسين، يقال هذا شيء جيد أي: حسن.
والتجويد في اصطلاح القراء ( اصطلاحا )هو إعطاء الحرف حقه ومستحقه مخرجا وصفة ومدًا.
- شرح للتعريف الاصطلاحي:
حق الحرف ،، هو صفاته الذاتية اللازمة له ، التي لا يمكن أن يكون الحرف بدونها بحال، مثل استعلائه ( تفخيمه ) فالحرف
المفخم مثلا كالضاد إذا لم نعطيه حقه اللازم له من حيث أنه حرف به استعلاء لصار حرفا آخر مثل قوله تعالى : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فهذه الضاد لو فرطنا في استعلائها ( وهو الحق اللازم لها ) لصارت دالا وحينها يتغير المعنى ويفسد، فإن الرضا بخلاف الردى وهو التردي والهلاك ولأصبحت الآية ( ولسوف يعطيك ربك فتردى ) أي تهلك !!
- وأما مستحق الحرف ،، فهو كل صفة للحرف ترتبت أو عرضت للحرف بناء على الصفة اللازمة له والتي شرحناها في ( حق الحرف )، فقد قلنا أن من صفات حرف الضاد أنه حرف به استعلاء عند النطق به فهذه صفة لازمة حق للضاد، ترتب على هذا الاستعلاء تفخيم الضاد فهذه صفة فرعية ( مستحق الحرف ) نتجت من استعلاء الضاد.
فهما صفتان لكل حرف ، واحدة لازمة ،، وأخرى ناتجة عنها ،، فاللازمة تسمى ( حق الحرف ) والناتجة تسمى ( مستحق الحرف ).
وسأضرب مثل يوضح هذه الفكرة،،
مثلا فلان من الناس طويل البنيان - ما شاء الله - فصفة الطول هذه صفة لازمة ثابتة له ( حق ) وما نظن أن نصبح يوم نحصله قصيرا، وبناء على طوله ترتب ( مستحق ) أنه لا يلبس غير الذي يليق به من الملابس التي تناسب طوله. وسيتضح المعنى أكثر مع الدروس القادمة والتطبيقات.
- وأما قولنا : مخرجا ، أي إخراج الحرف من مخرجه الصحيح الذي يتميز به عن غيره فلا يتختلط بين حرفين بحال، مثل حرف: الحاء مخرجه الذي يميزه عن غيره وسط الحلق فلا يصح مثلا إخراجه من أقصى الحلق فيختلط بحرف الهاء فلا يتمزا كمن يقرأ ( الهمد لله رب العالمين ) ولا يصح.
- وأما قولنا : صفة ، أي إعطاء الحرف الصفات التي تميز به عن غير مثل التفخيم والترقيق والقلقلة وغير ذلك ،، وهذا
لشدة تمييز الحروف خاصة إذا خرجت من مخرج واحد كمثل القاف والكاف ، والقاف مفخمة والكاف مرققة فلو لم ننتبه لصفة الترقيق التي في الكاف لصارت قافا ولصار قوله تعالى ( ،، ثيبات وأبكارا ) ( أبقارا ) ولصار المعنى أشد فسادا.
- وأما قولنا : ومدًا ،، أي تمكين الحرف عند النطق به فلا نتعجل عليه حتى يأخذ راحته في مخرجه، كمثل قوله تعالى : ( مالك يوم الدين ) فلو لم نمكن الألف ونعطها حقها ومستحقها هنا من المد الطبيعي لصارت ( ملك ) على غير رواية حفص.
- وخلاصة القول :
إن التجويد هو تحسين التلاوة والإتيان بها متقنة، بريئة من الزيادة والنقصان، موافقا لما وصل إلينا من صفة قرائته صلى الله عليه وسلم للقرآن، ولا يمكن المحافظة على صفة قراءته إلا بواسطة قواعد سماها العلماء ،،، علم التجويد ،،، والذي هو في الحقيقة عملية نقل صوتي للقرآن من جيل إلى جيل.
واختم هذه المدونة بهذه الأبيات التي قلتها قديما في تعريف التجويد وغايته وحكمه قلت :
التجويد تعريفه ، وغايته ، وحكمه
1.يقولُ أهلُ اللغةِ التَّجويدُ ** مَبْلَغُ حُسْنٍ كالَّذيْ نُريدُ
2.فعندنا أهلُ الْقُرَانِ أنَّهُ ** إعطاءكَ الْحرفَ الَّذي اْسْتَحَقَّهُ
3.فصُنْ بهِ الِّلسانَ كيْ بهِ تَنَلْ ** سعادةَ الدَّارَيْنِ كالْقَومِ الأوَلْ
4.وحكمه ُالْوجوبُ عَيْناً قد عُلِمْ ** عنِ النبيْ يا صاحِ طبِّقْ والْتَزِمْ
( المنظومة اليمانية في تجويد الكلمات القرآنية ).
وفق الله الجميع.
• ملاحظة ..
• المنظومة ما زالت تحت النظر والتجهيز فليست للنشر وإنما ذكرتها استئناسا.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
4 التعليقات:
شرح مبسط ويسير
بُورك لكم ونفع بكم
وفيكم بارك الله وجزاكم عنا خيرا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علئ سيدنا محمحد (ص)
اما بعد
لكم جزيل الشكر والتقدير علئ الشرح الوافي الكافي
نسال الله لكم ولنا التوفيق
اللهم ارزقنا حفظ القرأن الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وأسعدكم
وجعلنا وإياكم من أهل القرآن
إرسال تعليق